وتعقب بأن السلك في تلك المسالك ليس فيه لها اختيار حتى تؤمر به فلا بد أن يكون الأمر تكوينياً، ورد بأنه ليس بشيء لأن الإدخال باختيارها فلا يضره كون الإحالة المترتبة عليه ليست اختيارية وهو ظاهر فليس كما زعم ﴿ رَبّكِ ذُلُلاً ﴾ أي مذللة ذللها الله تعالى وسهلها لك فهو جمع ذلول حال من السبل وروى هذا عن مجاهد.
وجعل ابن عبد السلام وصف السبل بالذلل دليلاً على أن المراد بالسبل مسالك الغذاء لا طرق الذهاب أو الإياب قال : لأن النحل تذهب وتؤب في الهواء وهو ليس طرقاً ذللاً لأن الذلول هو الذي يذلل بكثرة الوطء والهواء ليس كذلك وفيه نظر.
وقال قتادة : أي مطيعة منقادة فهو حال من الضمير في ﴿ فاسلكى ﴾ ﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا ﴾ استئناف عدل به عن خطاب النحل إلى الكلام مع الناس لبيان ما يظهر منها من تعاجيب صنع الله تعالى التي هي موضع عبرتهم بعد ما أمرت بما أمرت ﴿ شَرَابٌ ﴾ يعني العسل، وسمي بذلك لأنه مما يشرب حتى قيل : إنه لا يقال : أكلت عسلاً وإنما يقال : شربت عسلاً، وكأنه سبحانه إنما لم يعبر بالإخراج مسنداً إليه تعالى اكتفاءاً بإسناد الإيحاء بالمبادىء إليه جل شأنه وفيه إيذان بعظيم قدرته عز وجل بحيث أن ما يشعر بإرادة الشيء كاف في حصوله.
و﴿ مِنْ ﴾ لابتداء الغاية، وذكر سبحانه مبدأ الغاية الأولى وهي البطون ولم يذكر سبحانه مبدأ الغاية الأخيرة والجمهور على أنه يخرج من أفواهها، وزعم بعضهم أنه أبلغ في القدرة، وبيت الحريري على ذلك وكذا قول الحسن : لباب البر بلعاب النحل بخالص السمن ما عابه مسلم، وقيل : من أدبارها وهو ظاهر ما روى عن يعسوب المؤمنين كرم الله تعالى وجهه.
وقال آخرون : لا ندري إلا ما ذكره الله تعالى.
وحكى أن سليمان عليه السلام.
والإسكندر.