ولا يرد أن اللبن أيضاً كذلك بل قلما يوجد شيء من العقاقير إلا وفيه شفاء للناس بهذا المعنى لما قيل : إن التنصيص على هذا الحكم فيه لإفادة ما يكاد يستبعد من اشتمال ما يخرج على اختلاف ألوانه من هذه الدودة التي هي أشبه شيء بذوات السموم ولعلها ذات سم أيضاً فإنها تلسع وتؤلم وقد يرم الجلد من لسعها وهو ظاهر في أنها ذات سم على ﴿ شِفَآء لِلنَّاسِ ﴾ ويفهم من ظاهر بعض الآثار أن الكلام على عمومه.
فقد أخرج حميد بن زنجويه عن نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً إلا جعل عليه عسلاً حتى الدمل إذا كان به طلاه عسلاً فقلنا له : تداوى الدمل بالعسل؟ فقال : أليس الله تعالى يقول :﴿ فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ ﴾ ؟.
وأنت تعلم أنه لا بأس بمداواة الدمل بالعسل فقد ذكر الأطباء أنه ينقي الجروح ويدمل ويأكل اللحم الزائد.
والحق أنه لا مساغ للعموم إذ لا شك في وجود مرض لا ينفع فيه العسل، والآثار المشعرة بالعموم الله تعالى أعلم بصحتها.
وأما ما أخرجه أحمد.
والبخاري.
ومسلم.
وابن مردويه "عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله إن أخي استطلق بطنه فقال : اسقه عسلاً فسقاه عسلاً ثم جاء فقال : سقيته عسلاً فما زاده إلا استطلاقاً قال : اذهب فاسقه عسلاً فسقاه عسلاً ثم جاء فقال : ما زاده إلا استطلاقاً فقال رسول الله ﷺ : صدق الله تعالى وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلاً فذهب فسقاه فبرأ" فليس صريحاً في العموم لجواز أن يكون عليه الصلاة والسلام قد علمه الله سبحانه أن داء هذا المستطلق مما يشفى بالعسل فإن بعض الاستطلاق قد يشفي بالعسل.


الصفحة التالية
Icon