وقوله :﴿إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ فيه إشارة إلى أنهم تَعَرَّضوا لدعوى الخصوصية، والفضيلة والمزية على آدم، فعرَّفهم أن الفضل ليس بتقديم تسبيحهم لكنه في قديم تخصيصه. ولمَّا عَلِمَ الحقُّ سبحانه تَقَاصُرَ علومهم عن معرفة أسماء المخلوقات ثم كلَّفهم الإنباء عنها صار فيه أوضح دلالة على أنَّ الأمر أمرهُ، والحكمَ حُكمُه، فَلَهُ تكليف المستطيع، ردَّاً على من تَوَهَّمَ أن أحكام الحق سبحانه مُعَلَّلَة باستحسان أرباب الغفلة بما يدعونه من قضايا العقول، لا بل له أن يلزم ما يشاء لمن يشاء، الحَسَنُ ما حكم بتحسينه والقبيح ما حكم بتقبيحه. (١) أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٧٦ ـ ٧٧﴾

_
(١) يغمز القشيري هنا بالمعتزلة الذين يقيسون الأفعال الإلهية بمقاييس إنسانية عقلية (ولكنهم نزهوا اللّه من حيث العقل فأخطأوا ونزهه الصوفية من حيث العلم فأصابوا) الرسالة ص ٢٩.


الصفحة التالية
Icon