﴿فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِم﴾.
الإنباء إخبارهم بالأسماء، وفيه إيماء بأن المخبر به شيء مهم.
والضمير المجرور بالإضافة ضمير المسميات مثل ضمير ﴿عرضهم﴾، وفي إجرائه على صيغة ضمائر العقلاء ما قرر في قوله :﴿ثم عرضهم﴾ [ البقرة : ٣١ ].
وقوله :﴿فلما أنبأهم بأسمائهم﴾ الضمير في ( أنبأ ) لآدم وفي ( قال ) ضمير اسم الجلالة وإنما لم يؤت بفاعله اسماً ظاهراً مع أنه جرى على غير من هو له أي عقب ضمائر آدم في قوله :﴿أنبئهم﴾ و ﴿أنبأهم﴾ لأن السياق قرينة على أن هذا القول لا يصدر من مثل آدم.
﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إني أَعْلَمُ غَيْبَ السموات والأرض﴾.
جواب ( لما ) والقائل هو الله تعالى وهو المذكور في قوله :﴿وإذ قال ربك﴾ [ البقرة : ٣٠ ] وعادت إليه ضمائر ﴿قال إني أعلم﴾ [ البقرة : ٣٠ ] و ﴿علّم﴾ [ البقرة : ٣١ ] و ﴿عرضهم﴾ وما قبله من الضمائر وهو تذكير لهم بقوله لهم في أول المحاورة :﴿إني أعلم ما لا تعلمون﴾ وذلك القول وإن لم يكن فيه :﴿أعلم غيب السموات والأرض﴾ صراحة إلا أنه يتضمنه لأن عموم ﴿ما لا تعلمون﴾ يشمل جميع ذلك فيكون قوله هنا :﴿إني أعلم غيب السموات والأرض﴾ بياناً لما أجمل في القول الأول لأنه يساويه ما صدقا لأن ﴿ما لا تعلمون﴾ هو غيب السموات والأرض وقد زاد البيان هنا على المبين بقوله :
﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾.
وإنما جيء بالإجمال قبل ظهور البرهان وجيء بالتفصيل بعد ظهوره على طريقة الحِجاج وهو إجمال الدعوى وتفصيل النتيجة لأن الدعوى قبل البرهان قد يتطرقها شك السامع بأن يحملها على المبالغة ونحوها وبعد البرهان يصح للمدعى أن يوقف المحجوج على غلطه ونحوه وأن يتبجح عليه بسلطان برهانه فإن للحق صولة.


الصفحة التالية
Icon