* ت * : ما ذكره رحمه اللَّه هو عقيدةُ أهل السنة، وها أنا أنقل من كلام الأئمة، إن شاء اللَّه، ما يتبيَّن به كلامه، ويزيده وضوحاً، قال ابن رُشْدٍ : قوله ﷺ :" أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " لا يفهم منه أن للَّه عز وجلَّ كلماتٍ غَيْرَ تامَّات ؛ لأن كلماته هي قوله، وكلامه هو صفةٌ من صفات ذاتِهِ يستحيلُ عليها النقص، وفي الحديث بيانٌ واضحٌ على أن كلماته عز وجل غير مخلوقة إذ لا يستعاذ بمخلوقٍ، وهذا هو قول أهل السنة، والحقّ أن كلام اللَّه عزَّ وجلَّ صفة من صفات ذاته قديمٌ غيرُ مخلوقٍ ؛ لأن الكلام هو المعنى القائِمُ في النفسِ، والنطقُ به عبارةٌ عنه ؛ قال اللَّه عزَّ وجلَّ :﴿وَيَقُولُونَ فِى أَنْفُسِهِمْ﴾ [ المجادلة : ٨ ] فأخبر أن القول معنًى يقوم في النفْسِ، وتقول : في نَفْسِي كَلاَمٌ، أريد أن أعلمك به، فحقيقة كلام الرجل هو المفهومُ من كلامه، وأما الذي تسمعه منه، فهو عبارةٌ عنه ؛ وكذلك كلام اللَّه عز وجلَّ القديمُ الذي هو صفة من صفاتِ ذاته هو المفهومُ من قراءة القارىء لا نَفْسُ قراءته التي تسمعها ؛ لأنَّ نفس قراءته التي تسمعها مُحْدَثَةٌ، لم تكن ؛ حتى قرأ بها، فكانت، وهذا كله بيِّن إلا لمن أعمى اللَّه بصيرته. انتهى بلفظه من " البَيَانِ".