وقد حكى ابن عطية عن المهدوي ما نصه : قال المهدوي : ويجوز أن يكون قوله : أعلم اسماً بمعنى التفضيل في العلم، فتكون ما في موضع خفض بالإضافة.
قال ابن عطية : وإذا قدر الأول اسماً، فلا بد من إضمار فعل ينصب غيب، تقديره : إني أعلم من كل أعلم غيب، وكونها في الموضعين فعلاً مضارعاً أخصر وأبلغ. انتهى.
وما نقله ابن عطية عن المهدوي وهم.
والذي ذكر المهدوي في تفسيره ما نصه :﴿وأعلم ما تبدون﴾، يجوز أن ينتصب ما بأعلم على أنه فعل، ويجوز أن يكون بمعنى عالم، أو يكون ما جراً بالإضافة، ويجوز أن يقدر التنوين في أعلم إذا قدرته بمعنى عالم وتنصب ما به، فيكون بمعنى حواج بيت الله، انتهى.
فأنت ترى أنه لم يذهب إلى أن أفعل للتفضيل وأنه لم يجز الجر في ما والنصب، وتكون أفعل اسماً إلا إذا كان بمعنى فاعل لا أفعل تفضيل، ولا يمكن أن يقال ما نقله ابن عطية عن المهدوي من جواز أن يكون أعلم أفعل بمعنى التفضيل، وخفض ما بالإضافة ألبتة.
﴿غيب السموات والأرض﴾ : تقدم الكلام على هذه الألفاظ الثلاثة، واختلف في الغيب هنا، فقيل : غيب السموات : أكل آدم وحواء من الشجرة، لأنها أول معصية وقعت في السماء، وغيب الأرض : قتل قابيل هابيل، لأنها أول معصية كانت في الأرض.
وقيل : غيب السموات ما قضاه من أمور خلقه، وغيب الأرض ما فعلوه فيها بعد القضاء.
وقيل : غيب السموات ما غاب عن ملائكته المقربين وحملة عرشه مما استأثر به تعالى من أسرار الملكوت الأعلى، وغيب الأرض ما أخفاه عن أنبيائه وأصفيائه من أسرار ملكوته الأدنى وأمور الآخرة الأولى.
﴿وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون﴾ قال علي وابن مسعود وابن عباس، رضوان الله عليهم أجمعين : ما تبدون : الضمير للملائكة، وما كنتم تكتمون : يعني إبليس.