قال الخليل : وأصله من قولهم : أث النبات والشعر إذا كثر.
وقوله :﴿متاعاً﴾ أي ما يتمتعون به.
وقوله :﴿إلى حين﴾ يريد إلى حين البلا، وقيل : إلى حين الموت.
وقيل : إلى حين بعد الحين، وقيل : إلى يوم القيامة.
فإن قيل : عطف المتاع على الأثاث والعطف يقتضي المغايرة، وما الفرق بين الأثاث والمتاع ؟
قلنا : الأقرب أن الأثاث ما يكتسي به المرء ويستعمله في الغطاء والوطاء، والمتاع ما يفرش في المنازل ويزين به.
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ﴾
اعلم أن الإنسان إما أن يكون مقيماً أو مسافراً، والمسافر إما أن يكون غنياً يمكنه استصحاب الخيام والفساطيط، أو لا يمكنه ذلك فهذه أقسام ثلاثة :
أما القسم الأول : فإليه الإشارة بقوله :﴿والله جعل لكم من بيوتكم سكناً ﴾.
وأما القسم الثاني : فإليه الإشارة بقوله :﴿وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً ﴾
وأما القسم الثالث : فإليه الإشارة بقوله :﴿والله جعل لكم مما خلق ظلالاً﴾ وذلك لأن المسافر إذا لم يكن له خيمة يستظل بها فإنه لا بد وأن يستظل بشيء آخر كالجدران والأشجار وقد يستظل بالغمام كما قال :﴿وظللنا عليكم الغمام﴾ [ البقرة : ٥٧ ].
ثم قال :﴿وجعل لكم من الجبال أكناناً﴾ واحد الأكنان كن على قياس أحمال وحمل، ولكن المراد كل شيء وقى شيئاً، ويقال استكن وأكن إذا صار في كن.
واعلم أن بلاد العرب شديدة الحر، وحاجتهم إلى الظل ودفع الحر شديدة، فلهذا السبب ذكر الله تعالى هذه المعاني في معرض النعمة العظيمة، وأيضاً البلاد المعتدلة والأوقات المعتدلة نادرة جداً والغالب إما غلبة الحر أو غلبة البرد.


الصفحة التالية
Icon