وقال أبو حيان :
﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) ﴾
استعتبت الرجل بمعنى أعتبته أي : أزلت عنه ما يعتب عليه ويلام، والاسم العتبى، وجاءت استفعل بمعنى أفعل نحو استدينته وأدينته.
﴿ ويوم نبعث من كل أمة شهيداً ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ﴾ : لما ذكر إنكارهم لنعمة الله تعالى، ذكر حال يوم القيامة حيث لا ينفع فيه الإنكار على سبيل الوعيد لهم بذلك اليوم.
وانتصب يوم بإضمار اذكر قاله : الحوفي، والزمخشري، وابن عطية، وأبو البقاء.
وقال الزمخشري : أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه.
وقال الطبري : هو معطوف على ظرف محذوف العامل فيه : ثم ينكرونها، أي ينكرونها اليوم.
ويوم نبعث أي : ينكرون كفرهم، فيكذبهم الشهيد، والشهيد نبي تلك الأمة يشهد عليهم بإيمانهم وبكفرهم، ومتعلق الأذن محذوف.
فقيل : في الرجوع إلى دار الدنيا.
وقيل : في الكلام والاعتذار كما قال :﴿ هذا يوم لا ينطقون.
ولا يؤذن لهم ﴾
فيعتذرون أي بعد شهادة أنبيائهم عليهم، وإلا فقبل ذلك تجادل كل أمة عن نفسه.
وجاء كلامهم في ذلك، ولكنها مواطن يتكلمون في بعضها ولا ينطقون في بعضها ولا هم يستعتبون أي : مزال عنهم العتب.


الصفحة التالية
Icon