البحث الثالث : قوله :﴿وَلاَ تَنقُضُواْ الأيمان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ عام دخله التخصيص، لأنا بينا أن الخبر دل على أنه متى كان الصلاح في نقض الأيمان جاز نقضها.
ثم قال :﴿وَقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلاً﴾ هذه واو الحال، أي لا تنقضوها وقد جعلتم الله كفيلاً عليكم بالوفاء، وذلك أن من حلف بالله تعالى فكأنه قد جعل الله كفيلاً بالوفاء بسبب ذلك الحلف.
ثم قال :﴿إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ وفيه ترغيب وترهيب، والمراد فيجازيكم على ما تفعلون إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
ثم إنه تعالى أكد وجوب الوفاء، وتحريم النقض وقال :﴿وَلاَ تَكُونُواْ كالتى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكاثا﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
في المشبه به قولان :
القول الأول : أنها امرأة من قريش يقال لها رايطة، وقيل ريطة، وقيل تلقب جعراء وكانت حمقاء تغزل الغزل هي وجواريها فإذا غزلت وأبرمت أمرتهن فنقضن ما غزلن.
والقول الثاني : أن المراد بالمثل الوصف دون التعين، لأن القصد بالأمثال صرف المكلف عنه إذا كان قبيحاً، والدعاء إليه إذا كان حسناً، وذلك يتم به من دون التعيين.
المسألة الثانية :
قوله :﴿مِن بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ أي من به قوة الغزل بإبرامها وفتلها.
المسألة الثالثة :
قوله :﴿أنكاثا﴾ قال الأزهري : واحدها : نكث وهو الغزل من الصوف والشعر يبرم وينسج فإذا أحكمت النسيجة قطعتها ونكثت خيوطها المبرمة ونفشت تلك الخيوط وخلطت بالصوف ثم غزلت ثانية، والنكث المصدر، ومنه يقال نكث فلان عهده إذا نقضه بعد إحكامه كما ينكث خيط الصوف بعد إبرامه.
المسألة الرابعة :