قال القاضي أبو محمد : وفي هذا القسم الأخير نظر، لأن أداء الفرائض هي الإسلام حسبما فسره رسول الله ﷺ في حديث سؤال جبريل عليه السلام، وذلك هو العدل، وإنما الإحسان التكميلات والمندوب إليه، حسبما يقتضيه تفسير النبي ﷺ أنه في حديث سؤال جبريل عليه السلام، بقوله :" أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك "، فإن صح هذا عن ابن عباس فإنما أراد أداء الفرائض مكملة ﴿ وإيتاء ذي القربى ﴾ لفظ يقتضي صلة الرحم ويعم جميع إسداء الخير إلى القرابة، وتركه مبهماً أبلغ، لأن كل من وصل في ذلك إلى غاية وإن علت يرى أنه مقصر، وهذا المعنى المأمور به في جانب ﴿ ذي القربى ﴾ داخل تحت ﴿ العدل ﴾ و﴿ الإحسان ﴾، لكنه تعالى خصه بالذكر اهتماماً به وخصاً عليه، و﴿ الفحشاء ﴾ الزنى، قاله ابن عباس.
قال القاضي أبو محمد : وغيره من المعاصي التي شنعتها ظاهرة وفاعلها أبداً متستر بها، وكأنهم خصوها بمعاني الفروج، والمنكر أعم منه، لأنه يعم جميع المعاصي والرذائل والإذايات على اختلاف أنواعها، و﴿ البغي ﴾ هو إنشاء ظلم الإنسان والسعاية فيه، وهو داخل تحت ﴿ المنكر ﴾ لكنه تعالى خصه بالذكر اهتماماً به لشدة ضرره بالناس، وقد قال رسول الله ﷺ :" لا ذنب أسرع عقوبة من بغي "، وقال ﷺ :" الباغي مصروع، وقد وعد الله تعالى من بُغِي عليه بالنصر "، وفي بعض الكتب المنزلة : لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكاً.