وأجيب بأن قرينة التخصيص قوله تعالى فيما قبل :﴿ الذين كَفَرُواْ ﴾ [ النحل : ٨٨ ] الآية، وفيه نظر، وقال الأصم : المراد به الجهاد وما فرض في الأموال من حق ولا يلائمه قوله تعالى :﴿ إِذَا عاهدتم ﴾ وقيل : المراد به النذر، وقيل : اليمين وتعقب ذلك الإمام بأنه حينئذ يكون قوله تعالى :
﴿ وَلاَ تَنقُضُواْ الايمان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ تكراراً لأن الوفاء بالعهد والمنع من النقض متقاربان لأن الأمر بالفعل يستلزم النهي عن الترك، وإذا حمل العهد على العموم بحيث دخل تحته اليمين كان هذا من باب تخصيص بعض الأفراد بالذكر للاعتناء به وبعض من فسر العهد بالبيعة لرسول الله ﷺ حمل الأيمان على ما وقع عند تلك البيعة، وجوز بعضهم حملها على مطلق الأيمان.
وفي "الحواشي السعدية" أن الظاهر أن المراد بها الأشياء المحلوف عليها كما في قوله عليه الصلاة والسلام :" من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " لأنه لو كان المراد ذكر اسم الله تعالى كان عين التأكيد لا المؤكد فلم يكن محل ذكر العطف كما تقرر في المعاني ورد بأن المراد بها العقد لا المحلوف عليه لأن النقض إنما يلائم العقد ولا ينافي ذلك قوله تعالى :﴿ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ لأن المراد كون العقد مؤكداً بذكر الله تعالى لاب ذكر غيره كما يفعله العامة الجهلة فالمعنى أن ذلك النهي لما ذكر لا عن نقض الحلف بغير الله تعالى وقال الواحدي : إن قوله سبحانه :﴿ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ لإخراج لغو اليمين نحو لا والله بلى والله بناء على أن المعنى بعد توكيدها بالعزم والعقد ولغو اليمين ليست كذلك.
ثم إذا حمل الأيمان على مطلقها فهو كما قال الإمام عام دخله التخصيص بالحديث السابق الدال على أنه متى كان الصلاح في نقض اليمين جاز نقضها.
وتعقب بأن فيه تأملاً لأن الحظر لو لم يكن باقياً لما احتيج إلى الكفارة الساترة للذنب.


الصفحة التالية
Icon