وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ولو شاء الله ﴾ الآية،
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه يبتلي عباده بالأوامر والنواهي ليذهب كل أحد إلى ما يسر له، وذلك منه تعالى بحق الملك، وأنه لا يسأل عما يفعل، ولو شاء لكان الناس كلهم في طريق واحد، إما في هدى وإما في ضلالة، ولكنه تعالى شاء أن يفرق بينهم، ويخص قوماً بالسعادة وقوماً بالشقاوة و﴿ يضل ﴾ و﴿ يهدي ﴾ معناه يخلق ذلك في القلوب خلافاً لقول المعتزلة، ثم توعد في آخر الآية بسؤال كل أحد يوم القيامة عن عمله، وهذا سؤال توبيخ، وليس ثم سؤال تفهم، وذلك هو المنفي في آيات.
﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ﴾
كرر النهي عن اتخاذ الأيمان ﴿ دخلاً بينكم ﴾ تهمماً بذلك ومبالغة في النهي عنه، لعظم موقعه من الدين وتردده في معاشرات الناس، و" الدخل " كما قلنا الغوائل الخدائع، وقوله ﴿ فتزل قدم بعد ثبوتها ﴾ استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط لأن القدم إذا زلت نقلت الإحسان من حال خير إلى حال شر، ومن هذا المعنى قول كثير :


الصفحة التالية
Icon