وقال أبو السعود :
﴿ وَلَوْ شَاء الله ﴾
مشيئةَ قسرٍ وإلجاءٍ ﴿ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة ﴾ متفقةً على الإسلام ﴿ ولكن ﴾ لا يشاء ذلك لكونه مزاحِماً لقضية الحِكمة بل ﴿ يُضِلُّ مَن يَشَاء ﴾ إضلالَه أي يخلق فيه الضلالَ حسبما يصرِفُ اختيارَه الجزئيَّ إليه ﴿ وَيَهْدِى مَن يَشَاء ﴾ هدايته حسبما يصرِف اختيارَه إلى تحصيلها ﴿ وَلَتُسْئَلُنَّ ﴾ جميعاً يوم القيامة ﴿ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في الدنيا، وهذا إشارةٌ إلى ما لُوِّح به من الكسب الذي عليه يدور أمرُ الهداية والضلال.
﴿ وَلاَ تَتَّخِذُواْ أيمانكم دَخَلاً بَيْنَكُمْ ﴾
تصريحٌ بالنهي عنه بعد التضمين تأكيداً ومبالغةً في بيان قبحِ المنهيِّ عنه وتمهيداً لقوله سبحانه :﴿ فَتَزِلَّ قَدَمٌ ﴾ عن مَحَجّة الحق ﴿ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ﴾ عليها ورسوخِها فيها بالإيمان، وإفرادُ القدم وتنكيرُها للإيذان بأن زلَلَ قدمٍ واحدة أيَّ قدمٍ كانت عزّت أو هانت محذورٌ عظيم فكيف بأقدام كثيرة ﴿ وَتَذُوقُواْ السوء ﴾ أي العذابَ الدنيوي ﴿ بِمَا صَدَدتُّمْ ﴾ بصدودكم أو بصدّكم غيرَكم ﴿ عَن سَبِيلِ الله ﴾ الذين ينتظم الوفاءَ بالعهود والأيمان، فإن من نقض البَيعةَ وارتدّ جَعل ذلك سنةً لغيره ﴿ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.