فصل
قال الفخر :
﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾
اعلم أن المراد من هذه الآية حكاية شبهة أخرى من شبهات منكري نبوة محمد ﷺ، وذلك لأنهم كانوا يقولون إن محمداً إنما يذكر هذه القصص وهذه الكلمات لأنه يستفيدها من إنسان آخر ويتعلمها منه.
واختلفوا في هذا البشر الذي نسب المشركون النبي ﷺ إلى التعلم منه قيل : هو عبد لبني عامر بن لؤي يقال له يعيش، وكان يقرأ الكتب، وقيل : عداس غلام عتبة بن ربيعة، وقيل : عبد لبني الحضرمي صاحب كتب، وكان اسمه جبرا، وكانت قريش تقول : عبد بني الحضرمي يعلم خديجة وخديجة تعلم محمداً، وقيل : كان بمكة نصراني أعجمي اللسان اسمه بلعام ويقال له أبو ميسرة يتكلم بالرومية وقيل : سلمان الفارسي، وبالجملة فلا فائدة في تعديد هذه الأسماء والحاصل أن القوم اتهموه بأنه يتعلم هذه الكلمات من غيره ثم إنه يظهرها من نفسه ويزعم أنه إنما عرفها بالوحي وهو كاذب فيه.
ثم إنه تعالى أجاب عنه بأن قال :﴿لّسَانُ الذى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾ ومعنى الإلحاد في اللغة الميل يقال : لحد وألحد إذا مال عن القصد، ومنه يقال للعادل عن الحق ملحد.