﴿بالله﴾ أي سل الذي له الكمال كله أن يعيذك ﴿من الشيطان﴾ أي المحترق باللعنة ﴿الرجيم﴾ أي المطرود عن الرحمة من أن يصدك بوساوسه عن اتباعه، فإنه لا عائق عن الإذعان، لأساليبه الحسان، إلا خذلان الرحمن، بوساوس الشيطان، فقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لأن ذلك أوفق للقرآن، وقد ورد به بعض الأخبار عن عبد الله بن مسعود ـ رضى الله عنهم ـ مرفوعاً وهو المشهور ونص عليه الإمام الشافعي ـ رضى الله عنهم ـ، والصارف لهذا الأمر عن الوجوب أحاديث كثيرة فيها القراءة بدون ذكر تعوذ كحديث البخاري وغيره " عن أبي سعيد بن المعلى ـ رضى الله عنهم ـ أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له ما منعك أن تجيبني؟ قال : كنت أصلي، قال : ألم يقل الله :﴿استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم﴾ [ الأنفال : ٢٤ ] ثم قال : لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ " وفي رواية الموطأ " أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم نادى أبياً وأنه قال : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال أبي : فقرأت ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ حتى أتيت على آخرها "
ومن طالع كتابي " مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " رأى مثل هذا أحاديث جداً من أحسنها حديث نزول سورة الكوثر، وقيل : التعوذ بعد القراءة لظاهر الآية، وختام القرآن بالمعوذتين موافق لهذا القول بالنسبة إلى الحال، والقول الأول الصحيح بالنسبة إلى ما ندب إليه المرتحل من قراءة الفاتحة وأول البقرة.


الصفحة التالية
Icon