وقوله ﴿ متاع قليل ﴾ إشارة إلى عيشهم في الدنيا، ﴿ ولهم عذاب أليم ﴾ بعد ذلك في الآخرة. وقوله ﴿ وعلى الذين هادوا ﴾ الآية، لما قص تعالى على المؤمنين ما حرم عليهم أعلم أيضاً بما حرم على اليهود ليبين تبديلهم الشرع فيما استحلوا من ذلك وفيما حرموا من تلقاء أنفسهم، وقولهم ﴿ ما قصصنا عليك ﴾، إشارة إلى ما في سورة الأنعام " من ذي الظفر والشحوم " الآية :﴿ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ﴾ [ الأنعام : ١٤٦ ] وقوله ﴿ وما ظلمناهم ﴾ أي لم نضع العقوبة بتحريم تلك الأشياء عليهم في غير موضعها، بل هم طرقوا إلى ذلك وجاء من تسبيبهم بالمعاصي ما أوجب ذلك. وقوله ﴿ ثم إن ربك للذين عملوا السوء ﴾ هذه آية تأنيس لجميع العالم، أخبر الله تعالى فيها أنه يغفر للتائب، والآية إشارة إلى الكفار الذين افتروا على الله وفعلوا الأفاعيل المذكورة، فهم إذا تابوا من كفرهم بالإيمان وأصلحوا من أعمال الإسلام غفر الله لهم، وتناولت هذه الآية بعد ذلك كل واقع تحت لفظها من كافر وعاص.
وقالت فرقة " الجهالة " العمد، و" الجهالة " عندي في هذا الموضع ليست ضد العلم بل هي تعدي الطور وركوب الرأس، ومنه قول النبي ﷺ " أو أجهل أو يجهل علي " وهي التي في قول الشاعر :[ الوافر ]
ألا لا يجهلنْ أحد علينا... فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
والجهالة التي هي ضد العلم تصحب هذه الأخرى كثيراً، ولكن يخرج منها المتعمد وهو الأكثر، وقلما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بخطر المعصية التي يواقع. والضمير في ﴿ بعدها ﴾ عائد على التوبة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon