قال القاضي أبو محمد : فأدخل الطبري هذا على أن حفصة قالت : إن الآية نزلت في المدينة وإنها هي التي ضربت مثلاً، والأمر عندي ليس كذلك وإنما أرادت أن المدينة قد حصلت في محذور المثل وحل بها ما حل بالتي جعلت مثلاً، وكذلك يتوجه عندي في الآية أنها قصد بها قرية غير معينة، جعلت مثلاً لكة على معنى التحذير لأهلها ولغيرها من القرى إلى يوم القيامة، و﴿ رغداً ﴾ نصب على الحال و﴿ أنعم ﴾ جمع نعمة كشدة وأشد كذا قال سيبويه وقال قطرب ﴿ أنعم ﴾ جمع نعم وهي التنعيم، يقال هذه أيام طعم ونعم وقوله ﴿ فأذاقها الله لباس الجوع ﴾ استعارات أي لما باشرهم ذلك صار كاللباس وهذا كقول الأعشى :[ المتقارب ]
إذا ما الضجيع ثنى جيدها... تثنّتْ عليه فصارت لباسا
ونحوه قوله تعالى :﴿ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ]، ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
وقد لبست بعد الزبير مجاشع... ثياب التي حاضت ولم تغسل الدما
كأن العار لما باشرهم وألصق بهم جعلهم لبسوه، قوله " أذاقها " نظير قوله تعالى ﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٩ ] ونظير قول الشاعر :


الصفحة التالية