القسم الأول : أن يكون دليلاً مركباً من مقدمات مسلمة في المشهور عند الجمهور، أو من مقدمات مسلمة عند ذلك القائل، وهذا الجدل هو الجدل الواقع على الوجه الأحسن.
القسم الثاني : أن يكون ذلك الدليل مركباً من مقدمات باطلة فاسدة إلا أن قائلها يحاول ترويجها على المستمعين بالسفاهة والشغب، والحيل الباطلة، والطرق الفاسدة، وهذا القسم لا يليق بأهل الفضل إنما اللائق بهم هو القسم الأول، وذلك هو المراد بقوله تعالى :﴿وجادلهم بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾ فثبت بما ذكرنا انحصار الدلائل والحجج في هذه الأقسام الثلاثة المذكورة في هذه الآية.
إذا عرفت هذا فنقول : أهل العلم ثلاث طوائف : الكاملون الطالبون للمعارف الحقيقية والعلوم اليقينية، والمكالمة مع هؤلاء لا تمكن إلا بالدلائل القطعية اليقينية وهي الحكمة، والقسم الثاني الذي تغلب على طباعهم المشاغبة والمخاصمة لا طلب المعرفة الحقيقية والعلوم اليقينية، والمكالمة اللائقة بهؤلاء المجادلة التي تفيد الإفحام والإلزام، وهذان القسمان هما الطرفان.
فالأول : هو طرف الكمال، والثاني : طرف النقصان.


الصفحة التالية
Icon