قوله سبحانه وتعالى ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾
نزلت هذه الآية بالمدينة في سبب شهداء أحد وذلك أن المسليمن لما رأوا ما فعل المشركون بقتلى المسلمين يوم أحد من تبقير البطون، والمثلة السيئة حتى لم يبق أحد من قتلى المسلمين إلا مثل به غير حنظلة بن أبي عامر الراهب، وذلك أن أباه أبا عامر الراهب كان مع أبي سفيان فتركوا حنظلة لذلك فقال المسلمون حين رأوا ذلك : لئن أظهرنا الله عليهم، لنربين على صنيعهم ولنمثلن بهم مثلة لم يفعلها أحد من العرب بأحد.
ووقف رسول الله ( ﷺ ) على عمه حمزة بن عبد المطلب وقد جدعوا أنفه وآذانه وقطعوا مذاكيره، وبقروا بطنه وأخذت هند بن عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثم استرطبتها لتأكلها فلم تنزل في بطنها حتى رمت بها فبلغ ذلك النبي ( ﷺ ) فقال :" أما إنها لو أكلتها لم تدخل النار أبداً حمزة أكرم على الله من أن يدخل شيئاً من جسده النار "
فلما نظر رسول الله إلى عمه حمزة نظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه.
فقال رسول الله ( ﷺ ) :" رحمة الله عليك فإنك ما علمنا ما كنت إلا فعّالاً للخيرات، وصولاً للرحم ولو كان حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواج شتى أما والله لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك " فأنزل الله ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ الآية فقال رسول الله ( ﷺ ) :" بل نصبر وأمسك عما أراد وكفر عن يمينه " عن أبي بن كعب قالك لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم فقال الأنصار : لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لنربين عليهم.
قال : فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ﴾ فقال رجل : لا قريش بعد اليوم.