وقال أبو حيان :
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
أمر الله تعالى رسوله ( ﷺ ) أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف، وهو أن يسمع المدعو حكمة، وهو الكلام الصواب القريب الواقع من النفس أجمل موقع.
وعن ابن عباس : أنّ الحكمة القرآن، وعنه : الفقه.
وقيل : النبوّة.
وقيل : ما يمنع من الفساد من آيات ربك المرغبة والمرهبة.
والموعظة الحسنة مواعظ القرآن عن ابن عباس، وعنه أيضاً : الأدب الجميل الذي يعرفونه.
وقال ابن جرير : هي العبر المعدودة في هذه السورة.
وقال ابن عيسى : الحكمة المعروفة بمراتب الأفعال والموعظة الحسنة أن تختلط الرغبة بالرهبة، والإنذار بالبشارة.
وقال الزمخشري : إلى سبيل ربك الإسلام، بالحكمة بالمقالة المحكمة الصحيحة، وهي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة، والموعظة الحسنة وهي التي لا تخفى عليهم إنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها، ويجوز أن يريد القرآن أي : ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف.
وقال ابن عطية : الموعظة الحسنة التخويف والترجئة والتلطف بالإنسان بأن تجله وتنشطه، وتجعله بصورة من قبل الفضائل ونحو هذا.
وقالت فرقة : هذه الآية منسوخة بآية القتال، وقالت فرقة : هي محكمة.
وإن عاقبتم أطبق أهل التفسير أن هذه الآية مدنية نزلت في شأن التمثيل بحمزة وغيره في يوم أحد، ووقع ذلك في صحيح البخاري، وفي كتاب السير.
وذهب النحاس إلى أنها مكية، والمعنى متصل بما قبلها اتصالاً حسناً، لأنها تتدرج الذنب من الذي يدعي، وتوعظ إلى الذي يجادل، إلى الذي يجازى على فعله، ولكن ما روى الجمهور أثبت انتهى.