أَجْرَ المحسنين } وحقيقةُ الإحسان الإتيانُ بالأعمال على الوجه اللائقِ الذي هو حسنُها الوصفيُّ المستلزِمُ لحسنها الذاتيِّ، وقد فسّره عليه الصلاة والسلام بقوله :" أن تعبدَ الله كأنك تراه فإن لم تكنْ تراه فإنه يراك " وتكريرُ الموصولِ للإيذان بكفاية كلَ من الصلتين في ولايته سبحانه من غير أن تكون إحداهما تتمةً للأخرى، وإيرادُ الأولى فعليةٌ للدِلالة على الحدوث كما أن إيرادَ الثانيةِ اسميةٌ لإفادة كونِ مضمونِها شيمةً راسخةً لهم، وتقديمُ التقوى على الإحسان لما أن التخليةَ متقدمة على التحلية، والمرادُ بالموصولَين إما جنسُ المتقين والمحسنين وهو عليه الصلاة والسلام داخلٌ في زمرتهم دخولاً أولياً، وإما هو عليه الصلاة والسلام ومن شايعه، عبّر عنهم بذلك مدحاً لهم وثناءً عليهم بالنعتين الجميلين، وفيه رمزٌ إلى أن صنيعَه عليه الصلاة والسلام مستتبِعٌ لاهتداء الأمةِ به كقول من قال لابن عباس رضي الله عنهما عند التعزية
اصبِرْ نكنْ بك صابرين فإنما... صبرُ الرعية عند صبرِ الرأسِ
عن هرم بن حيان أنه قيل له حين الاحتضارِ : أوصِ، قال : إنما الوصيةُ من المال وأوصيكم بخواتيم سورة النحل. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾