وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
قوله تعالى :﴿ وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.
أمر الله جل وعلا نبيه ﷺ في هذه الآية الكريمة : ان يجادل خصومه بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة : من إيضاح الحق بالرفق واللين. وعم مجاهد ﴿ وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ قال : أعرض عن أذاهم. وقد اشار إلى هذا المعنى في قوله :﴿ وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ [ العنكبوت : ٤٦ ] أي إلاّ الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجادلهم بالسيف حتى يؤمنوا، أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
ونظير ما ذكر هنا من المجادلة بالتي هي أحسن : قوله لموسى وهارون في شأن فرعون ﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى ﴾ [ طه : ٤٤ ]. ومن ذلك القول اللين : قول موسى له ﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فتخشى ﴾ [ النازعات : ١٨-١٩ ].
قوله تعالى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه أعلم بمن ضل عن سبيله. اي زاغ عن طريق الصواب والحق، إلى طريق الكفر والضلال.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله ( في أول القلم ) ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين فَلاَ تُطِعِ المكذبين ﴾ [ القلم : ٧-٨ ]، وقوله ( في الأنعام ) :﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين ﴾ [ الأنعام : ١١٧ ]، وقوله ( في النجم ) :﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى ﴾ [ النجم : ٣٠ ] والآيات لمثل ذلك كثيرة جداً.