والظاهر أن صيغة التفضيل التي هي ﴿ أعلم ﴾ في هذه الآيات يراد بها مطلق الوصف لا التفضيل. لأن الله لا يشاركه أحد في علم ما يصير إليه من شقاوة وسعادة. فهي كقول الشنفرى :
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
اي لم أكن بعجلهم. وقول الفرزدق :
إن الذي سمك السماء بنى لنا... بيتاً دعائمه أعز وأطول.
أي عزيزة طويلة.
﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) ﴾
نزلت هذه الآية الكريمة من سورة النحل بالمدينة، في تمثيل المشركين بحمزة ومن قل معه يوم أحد. فقال المسلمون : لئن أظفرنا الله بهم لنمثلن بهم. فنزلت الآية الكريمة، فصبروا لقول تعالى :﴿ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ﴾ مع أن سورة النحل مكية، إلا هذه الآيات الثلاث من آخرخا. والآية فيها جواز الانتقام والإرشاد إلى افضلية العفو. وقد ذكر تعالى هذا المعنى في القرآن. كقوله :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] الآية، وقوله :﴿ والجروح قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] الآية، وقوله :﴿ وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فأولئك مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ ﴾ [ الشورى : ٤١ ] إلى قوله ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور ﴾ [ الشورى : ٤٣ ]، وقو
له ﴿ لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ ﴾ [ النساء : ١٤٨ ] إلى قوله ﴿ أَوْ تَعْفُواْ عَن سواء فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ﴾ [ النساء : ١٤٩ ] كما قدمنا.
مسائل
بهذه الآية الكريمة


الصفحة التالية
Icon