وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى :﴿ يؤتي الحكمة من يشاء ﴾ في سورة البقرة ( ٢٦٩ ) مفصّلاً فانظره.
وتطلق الحكمة على العلوم الحاصلة للأنبياء، ويرادفها الحكم.
والموعظة } : القول الذي يلين نفس المقول له لعمل الخير.
وهي أخصّ من الحكمة لأنها حكمة في أسلوب خاص لإلقائها.
وتقدمت عند قوله تعالى :﴿ فأعرض عنهم وعظهم ﴾ في سورة النساء ( ٦٣ ).
وعند قوله :﴿ موعظة وتفصيلاً لكل شيء ﴾ في سورة الأعراف ( ١٤٥ ).
ووصفها بالحُسْن تحريض على أن تكون ليّنة مقبولة عند الناس، أي حسنة في جنسها، وإنما تتفاضل الأجناس بتفاضل الصفات المقصودة منها.
وعطف الموعظة } على "الحكمة" لأنها تغاير الحكمة بالعُموم والخصوص الوجهي، فإنه قد يسلك بالموعظة مسلك الإقناع، فمن الموعظة حكمة، ومنها خطابة، ومنها جدل.
وهي من حيث ماهيّتها بينها وبين الحكمة العموم والخصوص من وجه، ولكن المقصود بها ما لا يخرج عن الحكمة والموعظة الحسنة بقرينة تغيير الأسلوب، إذ لم يعطف مصدر المجادلة على الحكمة والموعظة بأن يقال : والمجادلة بالتي هي أحسن، بل جيء بفعلها، تنبيهاً على أن المقصود تقييد الإذن فيها بأن تكون بالتي هي أحسن، كما قال :﴿ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ﴾ [ سورة العنكبوت : ٤٦ ].
والمجادلة : الاحتجاج لتصويب رأي وإبطال ما يخالفه أو عمل كذلك.
ولما كان ما لقيه النبي من أذى المشركين قد يبعثه على الغلظة عليهم في المجادلة أمره الله بأن يجادلهم بالتي هي أحسن.
وتقدمت قريباً عند قوله :﴿ تجادل عن نفسها ﴾ [ سورة النحل : ١١١ ].
وتقدمت من قبل عند قوله :﴿ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ﴾ في سورة النساء ( ١٠٧ ).
والمعنى : إذا ألجأتك الدعوة إلى محاجّة المشركين فحاججهم بالتي هي أحسن.