وذلك أَنَّ امرأَة بعثت صبيًّا لها إِليه مرّة بعد أُخرى، سأَلته قميصاً، ولم يكن عليه ولا له صلَّى الله عليه وسلَّم قميصٌ غيره، فنزعه ودفعه إِليه، فدخل وقتُ الصّلاة، فلم يخرج حياءً، فدخل عليه أَصحابه فرأَوه على تلك الصِّفة، فلاموه على ذلك، فأَنزل الله تعالى ﴿فَتَقْعُدَ مَلُوماً﴾ يلومك النَّاس ﴿مَّحْسُوراً﴾ مكشوفاً.
هذا هو الأَظهر من تفسيره والله أَعلم.
قوله :﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا الْقُرْآنِ "لِيَذَّكَّرُواْ﴾، وفى آخر السّورة ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا الْقُرْآنِ" مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ فزاد، (للنَّاس) وقدّمه على القرآن، وقال : فى الكهف ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ﴾ إِنما لم يذكر فى أَوّل سبحان (للنَّاس) لتقدّم ذكرهم فى السّورة، وذكرهم فى (الكهف) إِذ لم يَجْر ذكرهم، وذكر النَّاس فى آخر سبحان، وإِن جرى ذكرهم ؛ لأَنَّ ذكر الإِنْس والجنّ جرى معاً، فذكر (للنَّاس) كراهة الالتباس، وقدّمه على ﴿ فِي هذا الْقُرْآنِ﴾ كما قدّمه فى
قوله :﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ ثمّ قال :﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا الْقُرْآنِ﴾ وأَمّا فى الكهف فقدِّم ﴿فِي هذا الْقُرْآنِ﴾ لأَنَّ ذكره أَجلّ الغرض.
وذلك أَنَّ اليهود سألته عن قصّة أَصحاب الكهف، وقصّة ذى القرْنينْ، فأَوحى الله إِليه فى القرآن ؛ وكان تقديمه فى هذا الموضع أَجدر، والعناية بذكره أَحرى وأَخلق.