قوله :﴿وَقَالُواْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً﴾ ثمّ أَعادها فى آخر السّورة بعينها، من غير زيادت ولا نقصان ؛ لأَنَّ هذا ليس بتكرار ؛ فإِنَّ الأَوّل من كلامهم فى الدّنيا، حين جادلوا الرّسول، وأَنكروا البعث، والثانى من كلام الله حين جازاهم على كفرهم، وقولهم ذلك وإِنكارهم البعث، فقال ﴿مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً * ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً﴾.
قوله ﴿ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ﴾ وفى الكهف ﴿ذَلِكَ جَزَآؤُهُم جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ﴾ اقتصر هنا على الإِشارة ؛ لتقدّم ذكر جهنَّم (ولم يقتصر عليها [فى الكهف] وإِن تقدم ذكر جهنَّم) بل جَمَع بين الإِشارة والعبارة ؛ لمّا اقترن بقوله :(جنَّات) فقال :﴿ذَلِكَ جَزَآؤُهُم جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ﴾ الآية ثمّ قال :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ﴾ ليكون الوعد والوعيد كلاهما ظاهرين.
قوله :﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ﴾ وفى سبأ ﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ﴾ لأَنه يعود إِلى الرَب، وقد تقدّم ذكره فى الآية الأُولى، وهو قوله :﴿وَرَبُّكَ
أَعْلَمُ﴾ وفى سبأ لو ذكر بالكناية لكان يعود إِلى الله، كما صرّح، فعاد إِليه، وبينه وبين ذكره سبحانه صريحاً أَربع عشرة آية، فلمّا طال الفصلُ صَرّح.
قوله :﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ﴾ وفى غيرها ﴿أَرَأَيْتَ﴾ لأَنَّ ترادُف الخطاب يدلّ على أَنَّ المخاطب به أَمر عظيم.
وهكذا هو فى السّورة ؛ لأَنَّه - لعنه الله - ضمِن احْتِنَاكِ ذريّة آدم عن آخرهم إِلاَّ قليلاً.
ومثل هذا ﴿أَرَءَيْتَكُمْ﴾ فى الأَنعام فى موضعين وقد سبق.