قوله :﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى﴾ وفى الكهف زيادة ﴿وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ﴾ ؛ لأَنَّ ما فى هذا السّورة معناه :[ما منعهم] عن الإِيمان بمحمد إِلاَّ قولُهم : أَبعث الله بشراً رسولاً، هلاَّ بعث مَلَكاً.
وجهلوا أَنَّ التَّجانس يورث التَّوانس، والتغاير يورث التَّنافر، وما فى الكهف معناه : ما منعهم عن الإِيمان والاستغفار إِلاَّ إِتيانُ سنَّة الأَوّلين.
قال الزَّجاج : إِلاَّ طلب سنَّة الأَوّلين (وهو قولهم :﴿إِن كَانَ هذا هُوَ الْحَقَّ﴾ فزاد : ويستغفروا ربَّهم، لاتصاله بقوله : سنة الأَولين) وهم قوم نوح، وصالح، وشعيب، كلُّهم أمروا بالاستغفار.
فنوح بقوله :﴿اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾ وهود يقول :﴿وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ﴾ وصالح يقول :﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ وشُعيب يقول :﴿وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ فلمّا خوّفهم سُنَّةَ الأَوّلين أَجرى المخاطبين مُجْراهم.
قوله :﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [وكذا جاءَ فى الرعد] وفى العنكبوت :﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً﴾ كما فى الفتح ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾ ﴿وَ كَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ ﴿وَ كَفَى بِاللَّهِ
حَسِيْبًا﴾ فجاءَ فى الرّعد وفى سبحان على الأَصل.
وفى العنكبوت أَخَّر ﴿شَهِيداً﴾ لمّا وصفه بقوله تعالى :﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ فطال.