وثالثها : جاء في الحديث :" لأحرقت سبحات وجهه ما أدركت من شيء " قيل معناه نور وجهه، وقيل : سبحات وجهه، نور وجهه الذي إذا رآه الرائي قال : سبحان الله، وقوله :﴿أسرى﴾ قال أهل اللغة : أسرى وسرى لغتان : وقوله :﴿بِعَبْدِهِ﴾ أجمع المفسرون على أن المراد محمد عليه الصلاة والسلام، وسمعت الشيخ الإمام الوالد عمر بن الحسين رحمه الله قال : سمعت الشيخ الإمام أبا القاسم سليمان الأنصاري قال : لما وصل محمد صلوات الله عليه إلى الدرجات العالية والمراتب الرفيعة في العارج أوحى الله تعالى إليه : يا محمد بم أشرفك ؟ قال :﴿رب بأن تنسبني إلى نفسك بالعبودية﴾ فأنزل الله فيه :﴿سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ﴾ وقوله :﴿لَيْلاً﴾ نصب على الظرف.
فإن قيل : الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل ؟
قلنا : أراد بقوله :﴿لَيْلاً﴾ بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة، وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية، واختلفوا في ذلك الليل قال مقاتل : كان ذلك الليل قبل الهجرة بسنة، ونقل صاحب "الكشاف" عن أنس والحسن أنه كان ذلك قبل البعثة.
وقوله :﴿مّنَ المسجد الحرام﴾ اختلفوا في المكان الذي أسرى به منه، فقيل هو المسجد الحرام بعينه وهو الذي يدل عليه ظاهر لفظ القرآن، وروي عن النبي ﷺ أنه قال :
" بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق " وقيل أسري به من دار أم هانيء بنت أبي طالب.


الصفحة التالية
Icon