تعاليمه امتدادا للنبوات الأولى، ولبنة مضافة إلى بنائها العتيد أول من يرحب بهذا الاتجاه ويزكيه.
سلامة الفطرة وفى ليلة الإسراء والمعراج تأكدت الصفة الأولى لهذا الدين وهى أنه دين الفطرة. ففى الحديث: (.. ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن. فأخذت اللبن. قال: هى الفطرة التى أنت عليها وأمتك ". إن سلامة الفطرة لب الإسلام ويستحيل أن تفتح أبواب السماء لرجل فاسد السريرة عليل القلب. إن الفطرة الرديئة كالعين الحمئة لا تسيل إلا قذرا وسوادا. وربما أخفى هذا السواد الكريه وراء ألوان زاهية، ومظاهر مزوقة. ويوم تكون العبادات ـ نفسها ـ ستارا لفطرة فاسدة فإن هذه العبادات الخبيثة، تعتبر أنزل رتبة من المعاصى الفاجرة. والناس كلما تقدمت بهم الحضارات، أمعنوا فى التكلف والمصانعة، وقيدوا أنفسهم بعبادات وتقاليد قاسية. وأكثر هذه التكلفات حجب تطمس وهج الفطرة وتعكر نقاوتها وطلاقاتها. وليس أبغض إلى الله من أن تفترى هذه القيود باسم الدين وأن تترك النفوس فى سجونها، مغلولة كئيبة. فرض الصلاة وفى المعراج شرعت الصلوات الخمس، شرعت فى السماء لتكون معراجا يرقى بالناس، كما تدلت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا. والصلوات التى شرع الله غير الصلوات التى يؤديها ـ الآن ـ كثير من الناس. وعلامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الدنايا، وأن تخجله من البقاء عليها إن ألم بشىء منها. فإذا كانت الصلاة ـ مع تكرارها ـ لا ترفع إلى هذه الدرجة فهى صلاة كاذبة. الصلاة طهور كما جاء فى السنة، إلا أنها طهور للإنسان الحى، لا للجثة العفنة.