" تنزيهاً لله من كل سوء "، والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل الذي هو من معناه لا من لفظه إذ يجر من لفظه فعل، وذلك مثل قعد القرفصاء واشتمل الصماء، فالتقدير عنده أنزه الله تنزيهاً فوقع ﴿ سبحان ﴾ مكان قولك تنزيهاً، وقال قوم من المفسرين :﴿ أسرى ﴾ فعل غير متعد عداه هنا بحرف جر تقول سرى الرجل وأسرى إذ سار بالليل بمعنى، وقد ذكرت ما يظهر في اللفظ من جهة العقيدة، وقرأ حذيفة وابن مسعود " أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام "، وقوله من ﴿ المسجد الحرام ﴾، قال أنس بن مالك : أراد المسجد المحيط بالكعبة نفسها ورجحه الطبري وقال : هو الذي يعرف إذا ذكر هذا الاسم، وروى الحسن بن أبي الحسن عن النبي عليه السلام أنه قال :" بينا أنا نائم في الحجر إذ جاءني جبريل والملائكة "، الحديث بطوله. وروى قوم أن ذلك كان بين زمزم والمقام، وروى مالك بن صعصعة عن النبي عليه السلام :" بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان "، وذكر عبد بن حميد الكشي في تفسيره عن سفيان الثوري أنه قال : أسري بالنبي عليه السلام من شعب أبي طالب، وقالت فرقة :﴿ المسجد الحرام ﴾ مكة كلها واستندوا إلى قوله تعالى ﴿ لتدخلن المسجد الحرام ﴾ [ الفتح : ٢٧ ] وعظم المقصد هنا إنما هو مكة، وروى بعض هذه الفرقة عن أم هاني أنها قالت : كان رسول الله ﷺ ليلة الإسراء في بيتي، وروي بعضها عن النبي عليه السلام، أنه قال :" خرج سقف بيتي " وهذا يلتئم مع قول أم هاني، وكان الإسراء فيما قال مقاتل قبل الهجرة بعام، وقاله قتادة، وقيل بعام ونصف، قاله عروة عن عائشة وكان ذلك في رجب، وقيل في ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول والنبي ﷺ ابن إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوماً، والمتحقق أن ذلك كان بعد شق الصحيفة، وقبل بيعة العقبة، ووقع في الصحيحين لشريك بن أبي نمر وهم في هذا المعنى فإنه روى حديث الإسراء