عن جابر رضى الله عنه، قال رسول ـ ﷺ ـ :" لما كذبتنى قريش، قمت فى الحجر، فجلى الله لى بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه "!. ويقول الدكتور هيكل: " أحسبك لو سألت الذين يقولون بالإسراء بالروح فى هذا لما رأوا فيه عجبا، بعد الذى عرف العلم فى وقتنا الحاضر من إمكان التنويم المغناطيسى للتحدث عن أشياء واقعة فى جهات نائية. فما بالك بروح يجمع وحدة الحياة الروحية فى الكون كله؟ ويستطيع ـ بما وهب الله له من قوة ـ أن يتصل بسر الحياة من أزل الكون إلى أبده "! ونحن لا نعلق كبير اهتمام لمعرفة الطريقة التى تم بها الإسراء والمعراج، كلا الأمرين حق، ترك ثماره فى نفس الرسول ـ ﷺ ـ فاستراح إلى حمد الخالق، وقل اكتراثه لذم الهمل من الجاحدين والجاهلين، ثم نشط إلى متابعة الدعوة، موقنا أن كل يوم يمر بها هو خطوة إلى النصر القريب. ويزعم بعض الكتاب أن فريقا من المسلمين ارتد عقب الإسراء والمعراج إنكارا لهما. بل يزيد الدكتور " هيكل " أن المسلمين تضعضعوا على أثر انتشار القصة على الأفواه، واستبعاد المشركين لوقوعها. وهذا كله خطأ، فلا الآثار التاريخية تدل عليه، ولا الاستنتاج الحصيف ينتهى به، ولا ندرى كيف يقال هذا؟ مضى رسول الله ـ ﷺ ـ على نهجه القديم ينذر بالوحى كل من يلقى، ويخوض ـ بدعوته ـ المجامع ويغشى المواسم، ويتبع الحجيج فى منازلهم، ويغبر قدميه إلى أسواق " عكاظ " و " مجنة " و " ذى الحجاز " داعيا الناس إلى نبذ الأوثان، والاستماع إلى هدى القرآن، وكان يسأل عن منازل القبائل قبيلة قبيلة، ويعرض عليهم نفسه ليؤمنوا به ويتابعوه ويمنعوه. وكان عمه أبو لهب يمشى وراءه ويقول: لا تطيعوه فإنه صابئ وكذاب! فيكون جواب القبائل: أسرتك وعشيرتك أعلم بك! ثم يردونه أقبح الرد. ومن القبائل التى أتاها الرسول ـ ﷺ ـ ودعاها إلى الله، فأبت الاستجابة له: "