وذكر أبو سعيد عبد الملك بن محمد النّيْسابوري عن أبي سعيد الخدري قال :" لما مر النبيّ ﷺ بإدريس عليه السلام في السماء الرابعة قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبيّ الصالح الذي وُعدنا أن نراه فلم نره إلا الليلة قال فإذا فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصراً من لؤلؤ ولأم موسى بن عمران سبعون قصراً من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وأسِرّتها من عرق واحد فلما عرج المعراج إلى السماء الخامسة وتسبيحُ أهلها سبحان من جمع بين الثلج والنار من قالها مرة واحدة كان له مثلُ ثوابهم استفتح الباب جبريلُ عليه السلام ففُتح له فإذا هو بكهل لم يُرَ قَطّ كَهْلٌ أجمل منه عظيم العينين تضرب لحيته قريباً من سرته قد كاد أن تكون شَمْطة وحوله قوم جلوس يقصّ عليهم فقلت يا جبريل من هذا قال هارون المُحَبّ في قومه...
" وذكر الحديث.
فهذه نبذة مختصرة من أحاديث الإسراء خارجة عن الصحيحين، ذكرها أبو الربيع سليمان بن سبع بكمالها في كتاب ( شفاء الصدور ) له.
ولا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السِّيَر أن الصلاة إنما فرضت على النبيّ ﷺ بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء.
واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيئة الصلاة، وهل كان إسراءً بروحه أو جسده ؛ فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية، وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها، وهي أهمّ من سَرْد تلك الأحاديث، وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله تعالى.
فأما المسألة الأولى وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده ؛ اختلَف في ذلك السلف والخلف، فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح، ولم يفارق شخصُه مضجَعه، وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق، ورؤيا الأنبياء حق.
ذهب إلى هذا معاوية وعائشة، وحكي عن الحسن وابن إسحاق.