وحديث الإسراء مروي في المسانيد عن الصحابة في كل أقطار الإسلام، وذكر أنه رواه عشرون من الصحابة.
قيل وما روي عن عائشة ومعاوية أنه كان مناماً فلعله لا يصح عنهما، ولو صح لم يكن في ذلك حجة لأنهما لم يشاهدا ذلك لصغر عائشة وكفر معاوية إذ ذاك، ولأنهما لم يسندا ذلك إلى الرسول ( ﷺ ) ولا حدّثا به عنه.
وعن الحسن كان في المنام رؤيا رآها وقوله :﴿ بعبده ﴾ هو محمد ( ﷺ ).
وقال أبو القاسم سليمان الأنصاري : لما وصل محمد ( ﷺ ) إلى الدرجات العالية والمراتب الرفيعة في المعارج أوحى الله إليه : يا محمد بمَ أشرِّفك؟ قال : يا رب بنسبتي إليك بالعبودية، فأنزل فيه ﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية انتهى.
وعنه قالوا : عبد الله ورسوله، وعنه إنما أنا عبد وهذه إضافة تشريف واختصاص.
وقال الشاعر :
لا تدعني إلا بيا عبدها...
لأنه أشرف أسمائي
وقال العلماء : لو كان لرسول الله ( ﷺ ) اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة.
وانتصب ﴿ ليلاً ﴾ على الظرف، ومعلوم أن السُّرَى لا يكون في اللغة إلا بالليل، ولكنه ذكر على سبيل التوكيد.
وقيل : يعني في جوف الليل فلم يكن إدلاجاً ولا ادّلاجاً.
وقال الزمخشري : أراد بقوله :﴿ ليلاً ﴾ بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء، وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة، وذلك أن التنكير فيه قد دلّ على معنى البعضية، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة من الليل أي بعض الليل كقوله :﴿ ومن الليل فتهجّدْ به ﴾ على الأمر بالقيام في بعض الليل انتهى.
والظاهر أن قوله :﴿ من المسجد الحرام ﴾ هو المسجد المحيط بالكعبة بعينه، وهو قول أنس.
وقيل من الحجر.
وقيل من بين زمزم والمقام.
وقيل من شعب أبي طالب.
وقيل من بيت أم هانىء.
وقيل من سقف بيته عليه السلام، وعلى هذه الأقوال الثلاثة يكون أطلق المسجد الحرام على مكة.