﴿ مّنَ المسجد الحرام ﴾ اختُلف في مبدأ الإسراءِ فقيل : هو المسجدُ الحرام بعينه وهو الظاهرُ، فإنه رُوي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" بينا أنا في المسجدالحرام في الحِجْر عند البيت بين النائم واليقظانِ إذْ اأتاني جبريلُ عليه الصلاة والسلام بالبُراق " وقيل : هو دارُ أم هانىءٍ بنتِ أبي طالب، والمراد بالمسجد الحرام الحرمُ لإحاطته بالمسجد والْتباسِه به، أو لأن الحرم كلَّه مسجد، فإنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام كان نائماً في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاءِ فكان ما كان فقصّه عليها، فلما قام ليخرُج إلى المسجد تشبّثتْ بثوبه عليه الصلاة والسلام لتمنعه خشية أن يكذبه القومُ، قال عليه الصلاة والسلام :" وإن كذبوني " فلما خرج جلس إليه أبو جهل فأخبره ﷺ بحديث الإسراءِ فقال أبو جهل : يا معشر كعبِ بنِ لؤي بنِ غالب، هلُمّ فحدِّثْهم فمن مصفّق وواضعٍ يدَه على رأسه تعجباً وإنكاراً وارتد ناسٌ ممن كان آمن به، وسعى رجالٌ إلى أبي بكر فقال : إن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا : أتصدّقه على ذلك؟ قال : إني أصدقه على أبعدَ من ذلك، فسُمِّيَ الصِّديقُ وكان فيهم من يعرف بيت المقدس فاستنعتوه المسجدَ فجُلِّي له بيتُ المقدس فطفِق ينظر إليه وينعته لهم، فقالوا : أما النعتُ فقد أصابه.
فقالوا : أخبِرْنا عن عِيرنا، فأخبرهم بعدد جمالِها وأحوالها وقال :﴿ تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمُها جملٌ أورَقُ ﴾ فخرجوا يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية فقال قائل منهم : هذه والله الشمسُ قد أشرقت، فقال آخرُ : هذه والله العِيرُ قد أقبلت يقدمها جملٌ أورقُ كما قال محمد، ثم لم يؤمنوا قاتلهم الله أنى يؤفكون.


الصفحة التالية
Icon