وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون معنى الآية لنرى محمداً ﷺ للناس آية من آياتنا أي ليكون عليه الصلاة والسلام آية في أنه يصنع الله تعالى ببشر هذا الصنع، ويندفع بهذا السؤال المذكور إلا أنه احتمال في غاية البعد، ثم لا يخفى أنه ليس في الآية إشارة إلى أنه ﷺ رأى ربه ليلة الإسراء إذ لا يصدق عليه تعالى أنه من آياته بل لا يصدق سبحانه أنه آية، نعم مثبتو الرؤية يحتجون بغير ذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى، وكذا ليست الآية نصاً في المعراج بل هي نص في الإسراء دونه إذ يجوز حمل بعض الآيات على ما حصل له ﷺ في الإسراء فقط بل قال بعضهم : ليس في الآيات مطلقاً ما هو نص في ذلك، من هنا قالوا : الإسراء إلى بيت المقدس قطعي ثبت بالكتاب فمن أنكره فهو كافر والمعراج ليس كذلك فمن أنكره فليس بكافر بل مبتدع ؛ وكأنه سبحانه إنما لم يصرح به كما صرح بالإسراء رحمة بالقاصرين على ما قيل، وفي التفسير الخازني أن فائدة ذكر المسجد الأقصى فقط دون السماء أنه لو ذكر صعوده عليه الصلاة والسلام لاشتد إنكارهم لذلك فلما أخبر أنه أسري به إلى بيت المقدس وبان لهم صدقه فيما أخبر به من العلامات التي فيه وصدقوه عليها أخبر بعد ذلك بمعراجه إلى السماء فكان الإسراء كالتوطئة للمعراج اه، وهذا ظاهر في الخبر الوارد في هذا الباب لا في الآية لأنه لم يخبر فيها بالمعراج كما أخبر فيها بالإسراء دلالة، وقيل : إن الإشارة بعد ذلك التصريح كافية فتدبر، وصرف الكلام من الغيبة التي في قوله سبحانه :﴿ سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ ﴾ إلى صيغة المتكلم المعظم في ﴿ بَارَكْنَا مِنْ ءاياتنا ﴾ لتعظيم البركات والآيات لأنها كما تدل على تعظيم مدلول الضمير تدل على عظم ما أضيف إليه وصدر عنه كما قيل إنما يفعل العظيم العظيم، وقد ذكروا لهذا التلوين نكتة خاصة وهي أن قوله تعالى :﴿ الذى أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ﴾


الصفحة التالية
Icon