﴿الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ ببركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي والملائكة ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالأنهار والأشجار المثمرة فدمشق والأردنّ فلسطين من المدائن التي حوله ﴿لِنُرِيَه مِنْ ءَايَاتِنَآ﴾ غاية للإسراء وإشارة إلى أن الحكمة في الإسراء به إراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التي ما شرف بإراءتها أحداً من الأولين والآخرين إلا سيد المرسلين وخاتم النبيين فإنه تبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو أعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال :﴿وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ (الأنعام : ٧٥) وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال :﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (النجم : ١٨) ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لأن ما أراه الله تعالى في تلك الليلة إنما هو بعض آياته العظمى وإضافة الآيات إلى نفسه على سبيل التعظيم لها لأن المضاف إلى العظيم عظيم.
وسقط الاعتراض بأن الله تعالى أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم أن يكون معراج إبراهيم أفضل.
وحاصل الجواب أنه يجوز أن يكون بعض الآيات المضافة إلى الله تعالى أعظم وأشرف من ملكوت السموات والأرض كلها كما قال تعالى :﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (النجم : ١٨)، قالوا في التفاسير هي ذهابه في بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الأنبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها.
قال في :"أسئلة الحكم" أما الآيات الكبرى : فمنها في الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصرير الأقلام وشهود الألواح وما غشي الله سدرة المنتهى من الأنوار وانتهاء الأرواح والعلوم والأعمال إليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق.


الصفحة التالية
Icon