كلما التفت رآه فقال له جبريل : ألا أعلمك كلمات تقولهن إذا أنت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه؟ فقال عليه السلام :"بلى" فقال جبريل : قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام :"ذلك" فانكب لفيه وطفئت شعلته.
ورآى صلى الله عليه وسلّم حال المجاهدين في سبيل الله أي : كشف له عن حالهم في دار الجزاء بضرب مثال.
فرأى قوماً يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال :"يا جبرائيل ما هذا؟" قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم.
ونادى مناد عن يمينه يا محمد انظرني أسألك فلم يجبه فقال :"ما هذا يا جبريل؟" فقال : هذا داعي اليهود أما أنك لو أجبته لتهودت أمتك أي : لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الأمة.
ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال :"ما هذا يا جبريل؟" فقال : هذا داعي النصارى أما أنك لو أجبته لتنصرت أمتك أي : لتمسكوا بالإنجيل.
وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثال فرأى امرأة حاسرة عن ذراعيها لأن ذلك شأن المقتنص لغيره وعليها من كل زينة خلقها الله تعالى ومعلوم أن النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب إليه فكيف بوجود سائر أنواع الزينة، فقالت : يا محمد انظرني أسألك فلم يلتفت إليها فقال :"من هذا يا جبريل" فقال : تلك الدنيا أما أنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة.