ورأى صلى الله عليه وسلّم على جانب الطريق عجوزاً فقالت : يا محمد انظرني فلم يلتفت إليها فقال :"من هذه يا جبريل؟" فقال : إنه لم يبق شيء من عمر الدنيا إلا ما بقي من عمر تلك العجوز.
وفي كلام بعضهم قد يقال لها شابة وعجوز بمعنى يتعلق بذاتها وبمعنى يتعلق بغيرها.
الأول وهو أنها من أول وجود هذا النوع الإنساني إلى أيام إبراهيم عليه السلام تسمى الدنيا شابة وفيما بعد ذلك إلى بعثة نبينا عليه السلام كهلة ومن بعد ذلك إلى يوم القيامة تسمى عجوزاً وهذا بالنسبة إلى القرن الإنساني وإلا فقد خلق آدم عليه السلام والدنيا عجوز ذهب شبابها ونضارتها كما ورد في بعض الأخبار.
فإن قلت : الشباب ومقابله إنما يكون في الحيوان.
قلت : الغرض من ذلك التمثيل.
وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الأمانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فأتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال :"ما هذا يا جبريل؟" قال : هذا الرجل من أمتك يكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ويريد أن يتحمل عليها.
قيل :"اتقوا الواوات" أي : اتقوا مدلولات الكلمات التي أولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة.
وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة في دار الجزاء فأتى على قوم ترضخ رؤوسهم كلما رضخت عادت كما كانت فقال :"يا جبريل من هؤلاء؟" قال : هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة أي : المفروضة عليهم.


الصفحة التالية
Icon