الأول : للناس في هذا السجود أقوال : أحدها أنه تكريم لآدم، وطاعة لله، ولم يكن عبادةً لآدم. وقيل : السجود لله، وآدم قبلة، أو السجود لآدم تحية، أو السجود لآدم عُبَاْدَة بأمر الله، وفرضه عليهم. ذكر ابن الأنباري عن الفرّاء، وجماعة من الأئمة : أن سجود الملائكة لآدم، كان تحية، ولم يكن عُبَاْدَة، وكان سجود تعظيم وتسليم وتحيه، لا سجود صلاة وعبادة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال أهل العلم : السجود كان لآدم بأمر الله وفرضه. وعلى هذا إجماع كل من يسمع قوله. فإن الله تعالى قال :﴿ اسجدوا لآدم ﴾ ولم يقل : إلى آدم. وكل حرف له معنى، وفرق بين : سجدت له، وبين : سجدت إليه. قال تعالى :﴿ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ﴾ [ فصلت : ٣٧ ] :﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [ الرعد : ١٥ ] أجمع المسلمون على أن السجود للأحجار، والأشجار، والدواب محرم، وأما الكعبة، فيقال : كان النبي ﷺ يصلي إلى بيت المقدس، ثم صلى إلى الكعبة، ولا يقال صلى لبيت المقدس، ولا للكعبة. والصواب أن الخضوع بالقلوب، والاعتراف بالعبودية، لا يصل [ في المطبوع : لا يصلى ] على الإطلاق إلا لله سبحانه. وإما السجود فشريعة من الشرائع يتبع الأمر. فلو أمرنا سبحانه أن نسجد لأحد من خلقه، لسجدنا طاعة واتباعاً لأمره. فسجود الملائكة لآدم عُبَاْدَة لله، وطاعة، وقربة يتقربون بها إليه. وهو لآدم تشريف وتعظيم وتكريم. وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام. ولم يأت أن آدم سجد للملائكة. بل لم يؤمر بالسجود إلا لله رب العلمين. وبالجملة، أهل السنة قالوا : إنه سجود تعظيم وتكريم وتحية له. وقالت المعتزلة : كان آدم كالقبلة يسجد إليه، ولم يسجدوا له. قالوا ذلك هرباً من أن تكون الآية الكريمة حجة عليهم ؛ فإن أهل السنة قالوا : إبليس من


الصفحة التالية
Icon