الملائكة، وصالح البشر أفضل من الملائكة، واحتجوا بسجود الملائكة لآدم. خالفت المعتزلة في ذلك وقالت : الملائكة أفضل من البشر، وسجود الملائكة لآدم كان كالقبلة، ويبطله ما حكى الله سبحانه عن إبليس :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٦٢ ].
الثاني : اختلفوا في الملائكة الذين أمروا بالسجود، فقيل : هم الذين كانوا مع إبليس في الأرض. قال تقي الدين بن تيمية : هذا القول ليس من أقوال المسلمين واليهود النصارى. وقيل : هم جميع الملائكة، حتى جبريل وميكائيل. وهذا قول العامة من أهل العلم بالكتاب والسنة. قال ابن تيمية : ومن قال خلافه فقد ردّ القرآن بالكذب والبهتان، لأنه سبحانه قال :﴿ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾ [ الحجر : ٣٠ ]، وهذا تأكيد للعموم.
الثالث : للعلماء في إبليس، هل كان من الملائكة أم لا ؟ قولان :
أحدهما أنه كان من الملائكة. قاله ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن المسيب، واختاره الشيخ موفق الدين، والشيخ أبو الحسن الأشعري، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبري. قال البغوي : هذا قول أكثر المفسرين، لأنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم. قال تعالى :﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾ فلولا أنه من الملائكة، لمَا توجه الأمر إليه بالسجود، ولو لم يتوجه الأمر إليه بالسجود لم سكن عاصياً، ولما استحق الخزي والنكال.


الصفحة التالية
Icon