واعلم أنه ليس في الظاهر ما يدل على التعيين فلا حاجة أيضاً إلى بيانه لأنه ليس المقصود من هذا الكلام أن يعرفنا عين تلك الشجرة وما لا يكون مقصوداً في الكلام، لا يجب على الحكيم أن يبينه بل ربما كان بيانه عبثاً لأن أحدنا لو أراد أن يقيم العذر لغيره في التأخر فقال : شغلت بضرب غلماني لإساءتهم الأدب لكان هذا القدر أحسن من أن يذكر عين هذا الغلام ويذكر اسمه وصفته، فليس لأحد أن يظن أنه وقع ههنا تقصير في البيان، ثم قال بعضهم الأقرب في لفظ الشجرة أن يتناول ماله ساق وأغصان، وقيل لا حاجة إلى ذلك لقوله تعالى :﴿وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ﴾ [ الصافات : ١٤٦ ] مع أنها كالزرع والبطيخ فلم يخرجه ذهابه على وجه الأرض من أن يكون شجراً، قال المبرد : وأحسب أن كل ما تفرعت له أغصان وعيدان فالعرب تسميه شجراً في وقت تشعبه وأصل هذا أنه كل ما شجر أي أخذ يمنه ويسرة يقال : رأيت فلاناً في شجرته الرماح.
وقال تعالى :﴿حتى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [ النساء : ٦٥ ] وتشاجر الرجلان في أمر كذا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ٦﴾
وقال ابن عطية :
واختلف في هذه ﴿الشجرة﴾ التي نهى عنها ما هي ؟
فقال ابن مسعود وابن عباس :" هي الكَرْم ولذلك حرمت علينا الخمر ".
وقال ابن جريج عن بعض الصحابة :" هي شجرة التين ".
وقال ابن عباس أيضاً وأبو مالك وعطية وقتادة :" هي السنبلة وحبها ككلى البقر، أحلى من العسل، وألين من الزبد ".
وروي عن ابن عباس أيضاً :" أنها شجرة العلم، فيها ثمر كل شيء ".
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف لا يصح عن ابن عباس.
وحكى الطبري عن يعقوب بن عتبة :" أنها الشجرة التي كانت الملائكة تحنك بها للخلد ".
قال القاضي أبو محمد : وهذا أيضاً ضعيف.
قال :" واليهود تزعم أنها الحنظلة، وتقول : إنها كانت حلوة ومُرَّت من حينئذ ".


الصفحة التالية
Icon