قال ابن عرفة : قال بعضهم : المناسب لهذا أن ( كان ) يكون اسمها حيا ؟ وأجيب بأنه اشتقاق أكبر، ومنهم من قال : سميت حواء لأن امرأة الرجل تحوي عليه وتستحمله، فيدخل طوعها ويسمع منها في أغالب أمره.
قوله تعالى :﴿وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً...﴾.
قال ابن عرفة : رأيت تأليفا للشيخ عزّ الدين بن عبد السلام في إعجاز القرآن وغيره قال : إنه على حذف مضاف تقديره : وكُلاَ من ثمارها رغدا.
قال ابن عرفة : هذا إن اعربنا " رغدا " نعتا للمصدر فتكون " من " للتبعيض والثمر ليس هو بعض الجنة إنما الجنة هي الأشجار والأرض بدليل أن من باع جنة فيها ثمر قد أبرّ فإنه للبائع ولا يتناوله البيع إلا بالشرط فليس الأكل من الجنة.
قيل لابن عرفة : هذه حقيقة شرعية ؟ فقال الأصل موافقة الشيء للغة حتى يدل الدليل على خلاف ذلك.
قال وإن أعربنا " رغدا :( نعنا ) للمفعول مقدرا أي ﴿وَكُلاَ مِنْهَا﴾ ( مأكولا ) رغدا وتكون " من " للغاية أعني لابتدائها وانتهائها فلا يحتاج إلى تقدير المضاف وقال في الأعراف ﴿وَيَآءَادَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا﴾ فعطف بالفاء وهنا بالواو.
قال ابن عرفة : يجاب بأن تكون هذه نزلت قبل تلك الآية فعبر هنا باللَّفظ الأعم وهو الواو المحتلة لأن يكون الأكل عقب السكنى وبعدها بتراخ ثمّ خوطب هناك باللفظ الأخص الدال على إباحة الأكل بعقب السكنى ليكون الكلام تأسيسا مقيدا.
وأجاب الفخر في درة التنزيل : بأن الأكل من الموضع لا يكون إلا بعد دخوله له إما قبل سكناه أو بعده والأعراف وردت بعد قوله :﴿اخرج مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً﴾ ( خطابا للشيطان ) ثم قال :﴿وَيَآءَادَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة﴾ معناه : ادخلْها أنت دخول سكنى وهي الإقامة مع طول مكث فناسب العطف بالفاء لأن ( الدّخول ) متقدم في الرتبة على الأكل وآية البقرة لم يتقدم فيها ما يدل على الدخول، فالمراد اسكن حقيقة.


الصفحة التالية
Icon