قال المفسرون : معناه وعد المرة الأخيرة، وهذه المرة الأخيرة هي إقدامهم على قتل زكريا ويحيى عليهما الصلاة والسلام.
قال الواحدي : فبعث الله تعالى عليهم بختنصر البابلي المجوسي أبغض خلقه إليه فسبى بني إسرائيل وقتل وخرب بيت المقدس أقول : التواريخ تشهد بأن بختنصر كان قبل وقت عيسى عليه الصلاة والسلام ويحيى وزكريا عليهما الصلاة والسلام بسنين متطاولة، ومعلوم أن الملك الذي انتقم من اليهود بسبب هؤلاء ملك من الروم يقال له : قسطنطين الملك - والله أعلم بأحوالهم - ولا يتعلق غرض من أغراض تفسير القرآن بمعرفة أعيان هؤلاء الأقوام.
المسألة الثانية :
جواب قوله :﴿فَإِذَا جَاء﴾ محذوف تقديره : فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوؤا وجوهكم وإنما حسن هذا الحذف لدلالة ما تقدم عليه من قوله :﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا﴾ [ الإسراء : ٥ ] ثم قال :﴿ليسوؤا وُجُوهَكُمْ﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
يقال : ساءه يسوءه أي أحزنه، وإنما عزا الإساءة إلى الوجوه، لأن آثار الأعراض النفسانية الحاصلة في القلب إنما تظهر على الوجه، فإن حصل الفرح في القلب ظهرت النضرة والإشراق والإسفار في الوجه.
وإن حصل الحزن والخوف في القلب ظهر الكلوح والغبرة والسواد في الوجه، فلهذا السبب عزيت الإساءة إلى الوجوه في هذه الآية، ونظير هذا المعنى كثير في القرآن.
المسألة الثانية :
قرأ العامة : ليسوؤا على صيغة المغايبة، قال الواحدي : وهي موافقة للمعنى وللفظ.
أما المعنى فهو أن المبعوثين هم الذين يسوؤنهم في الحقيقة، لأنهم هم الذين يقتلون ويأسرون وأما اللفظ فلأنه يوافق قوله :﴿وَلِيَدْخُلُواْ المسجد﴾ وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة :﴿ليسوء﴾ على إسناد الفعل إلى الواحد، وذلك الواحد يحتمل أن يكون أحد أشياء ثلاثة : إما اسم الله سبحانه لأن الذي تقدم هو قوله :{ثم رددنا...


الصفحة التالية
Icon