وقال الآلوسى :
﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ ﴾
أعمالكم سواء كانت لازمة لأنفسكم أو متعدية للغير أي عملتموها على الوجه المستحسن اللائق أو فعلتم الإحسان ﴿ أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ ﴾ أي لنفعها بما يترتب على ذلك من الثواب ﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ ﴾ أعمالكم لازمة كانت أو متعدية بأن عملتموها على غير الوجه اللائق أو فعلتم الإساءة ﴿ فَلَهَا ﴾ أي فالإساءة عليها لما يترتب على ذلك من العقاب فاللام بمعنى على كما في قوله :
فخر صريعاً لليدين وللفم...
وعبر بها لمشاكلة ما قبلها
وقال الطبري : هي بمعنى إلى على معنى فاساءتها راجعة إليها، وقيل : إنها للاستحقاق كما في قوله تعالى :﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ البقرة : ١٠ ].
وفي "الكشاف" أنها للاختصاص.
وتعقب بأنه مخالف لما في الآثار من تعدي ضرر الإساءة إلى غير المذنب اللهم إلا أن يقال : إن ضرر هؤلاء القوم من بني إسرائيل لم يتعدهم، وفيه أنه تكلف لا يحتاج إليه لأن الثواب والعقاب الأخرويين لا يتعديان وهما المراد هنا، وقيل : اللام للنفع كالأولى لكن على سبيل التهكم، وتعميم الإحسام ومقابله بحيث يشملان المتعدي واللازم الذي استظهره بعض المحققين وفسر الإحسان بفعل ما يستحسن له ولغيره والإساءة بضد ذلك وقال : إنه أنسب وأتم وذا قيل إن تكرير الإحسان في النظم الكريم دون الإساءة إشارة إلى أن جانب الإحسان أغلب وأنه إذا فعل ينبغي تكراره بخلاف ضده، وجاء عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلا الآية، ووجه مناسبتها لما قبلها على ما قال القطب أنه لما عصوا سلط الله تعالى عليهم من قصدهم بالنهب والأسر ثم لما تابوا وأطاعوا حسنت حالهم فظهر إن إحسان الأعمال وإساءتها مختص بهم، والآية تضمنت ذلك وفيها من الترغيب بالإحسان والترهيب من الإساءة ما لا يخفى فتأمل.


الصفحة التالية
Icon