وقال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾.
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من أحسن - أي بالإيمان والطاعة - فإنه إنما يحسن إلى نفسه. لأن نفع ذلك لنفسه خاصة. وأن من أساء - أي بالكفر والمعاصي - فإنه إنما يسيء على نفسه. لأن ضرر ذلك عائد إلى نفسه خاصة.
وبين هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [ فصلت : ٤٦ ] الآية، وقوله :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة : ٧-٨ ]، وقوله :﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ﴾ [ الروم : ٤٤ ]، إلى غير ذلك من الآيات. واللام في قوله :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ بمعنى على، اي فعليها، بدليل قوله ﴿ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَاِ ﴾ [ فصلت : ٤٦ ]. ومن إتيان اللام بمعنى على قوله تعالى :﴿ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ ﴾ [ الإسراء : ١٠٩ ] الآية. أي عليها : وقوله :﴿ فَسَلاَمٌ لَّكَ ﴾ [ الواقعة : ٩١ ] الآية. أي سلام عليك - على ما قاله بعض العماء. ونظير ذلك من كلام العرب : قول جابر التغلبي، أو شريح العبسي، أو زهير المزني أو غيرهم :
تناوله بالرمح ثم انثنى له... فخر صريعاً لليدين وللفم
أي على اليدين وعلى الفم. والتعبير بهذه اللام في هذه الآية للمشاكلة. كما قدمنا في نحو :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] الأية، ﴿ فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] الآية.
قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon