وقال أبو حيان :
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾
لما ذكر تعالى من اختصه بالإسراء وهو محمد رسول الله ( ﷺ )، ومن آتاه التوراة وهو موسى عليه السلام وأنها هدى لبني إسرائيل، وذكر ما قضى عليهم فيها من التسليط عليهم بذنوبهم، كان ذلك رادعاً من عقل عن معاصي الله فذكر ما شرف الله به رسوله من القرآن الناسخ لحكم التوراة وكل كتاب إلهي، وأنه يهدي للطريقة أو الحالة التي هي أقوم.
وقال الضحاك والكلبي والفراء ﴿ التي هي أقوم ﴾ هي شهادة التوحيد.
وقال مقاتل : للأوامر والنواهي و﴿ أقوم ﴾ هنا أفعل التفضيل على قول الزجاج إذ قدر أقوم الحالات وقدره غيره أقوم مما عداها أو من كل حال، والذي يظهر من حيث المعنى أن ﴿ أقوم ﴾ هنا لا يراد بها التفضيل إذ لا مشاركة بين الطريقة التي يرشد إليها القرآن وطريقة غيرها، وفضلت هذه عليها وإنما المعنى التي هي قيمة أي مستقيمة كما قال :﴿ وذلك دين القيمة ﴾ و﴿ فيها كتب قيمة ﴾ أي مستقيمة الطريقة، قائمة بما يحتاج إليه من أمر الدين.
وقال الزمخشري :﴿ التي هي أقوم ﴾ للحالة التي هي أقوم الحالات وأشدّها أو للملة أو للطريقة، وأينما قدرت لم تجد مع الإثبات ذوق البلاغة الذي تجده مع الحذف لما في إبهام الموصوف لحذفه من فخامة تفقد مع إيضاحه انتهى.
﴿ ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ﴾ قيد في الإيمان الكامل إذ العمل هو كمال الإيمان، نبه على الحالة الكاملة ليتحلى بها المؤمن، والمؤمن المفرط في عمله له بإيمانه حظ في عمل الصالحات والأجر الكبير الجنة.
وقال الزمخشري : فإن قلت كيف ذكر المؤمنين الأبرار والكفار ولم يذكر الفسقة؟ قلت : كان الناس حينئذ إما مؤمن تقي، وإما مشرك، وإنما حدث أصحاب المنزلة بين المنزلتين بعد ذلك انتهى.