واحتج أبو عبيدة على صحة هذه اللغة بقوله ﷺ :" خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة " والمعنى مهرة قد كثر نسلها يقولون : أمر الله المهرة أي كثر ولدها ومن الناس من أنكر أن يكون أمر بمعنى كثر وقالوا أمر القوم إذا كثروا وآمرهم الله بالمد أي كثرهم، وحملوا قوله عليه الصلاة والسلام :" مهر مأمورة " على أن المراد كونها مأمورة بتكثير النسل على سبيل الاستعارة.
وأما المترف : فمعناه في اللغة المتنعم الذي قد أبطرته النعمة وسعة العيش ﴿فَفَسَقُواْ فِيهَا﴾ أي خرجوا عما أمرهم الله :﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا القول﴾ يريد : استوجبت العذاب، وهذا كالتفسير لقوله تعالى :﴿وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾
[ الإسراء : ١٥ ] وقوله :﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى حتى يَبْعَثَ فِى أُمّهَا رَسُولاً﴾ [ القصص : ٥٩ ] وقوله :﴿ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غافلون﴾ [ الأنعام : ١٣١ ] فلما حكم تعالى في هذه الآيات أنه تعالى لا يهلك قرية حتى يخالفوا أمر الله، فلا جرم ذكر أنه ها هنا يأمرهم فإذا خالفوا الأمر، فعند ذلك استوجبوا الأهلاك المعبر عنه بقوله :﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا القول﴾ وقوله :﴿فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ أي أهلكناها إهلاك الاستئصال.
والدمار هلاك على سبيل الاستئصال.
المسألة الثانية :
احتج أصحابنا بهذه الآية على صحة مذهبهم من وجوه : الأول : أن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى أراد إيصال الضرر إليهم ابتداء ثم توسل إلى إهلاكهم بهذا الطريق.