قال أبو الهيثم الرازي، وأبو الفتح الموصلي، وأبو علي الجرجاني : إن كلاً اسم مفرد يفيد معنى التثنية ووزنه فعل ولامه معتل بمنزلة لام حجي ورضي وهي كلمة وضعت على هذه الخلقة يؤكد بها الاثنان خاصة ولا تكون إلا مضافة.
والدليل عليه أنها لو كانت تثنية لوجب أن يقال في النصب والخفض مررت بكلي الرجلين بكسر الياء كما تقول : بين يدي الرجل و ﴿من ثلثي الليل﴾ [ المزمل : ٢٠ ].
و﴿يا صاحبي السجن﴾ [ يوسف : ٣٩، ٤١ ].
و﴿طرفي النهار﴾ [ هود : ١١٤ ] ولما لم يكن الأمر كذلك، علمنا أنها ليست تثنية بل هي لفظة مفردة وضعت للدلالة على التثنية كما أن لفظة كل اسم واحد موضوع للجماعة، فإذن أخبرت عن لفظة كما تخبر عن الواحد كقوله تعالى :﴿وَكُلُّهُمْ ءاتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً﴾ [ مريم : ٩٥ ] وكذلك إذا أخبرت عن كلا أخبرت عن واحد فقلت كلا إخوتك كان قائماً قال الله تعالى :
﴿كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا﴾ [ الكهف : ٣٣ ] ولم يقل آتتا، والله أعلم.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾ معناه : أنهما يبلغان إلى حالة الضعف والعجز فيصيران عندك في آخر العمر كما كنت عندهما في أول العمر.
واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الجملة فعند هذا الذكر كلف الإنسان في حق الوالدين بخمسة أشياء :
النوع الأول : قوله تعالى :﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال الزجاج : فيه سبع لغات : كسر الفاء وضمها وفتحها، وكل هذه الثلاثة بتنوين وبغير تنوين فهذه ستة واللغة السابعة أفي بالياء قال الأخفش : كأنه أضاف هذا القول إلى نفسه فقال قولي هذا وذكر ابن الأنباري : من لغات هذه اللفظة ثلاثة زائدة على ما ذكره الزجاج :﴿أُفّ﴾ بكسر الألف وفتح الفاء وافه بضم الألف وادخال الهاء و ﴿أُفّ﴾ بضم الألف وتسكين الفاء.
المسألة الثانية :