فإن قلنا : إن قوله :﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سلطانا﴾ تفسير لقوله :﴿إِلاَّ بالحق﴾ كانت الآية صريحة في أنه لا يحل القتل إلا بهذا السبب الواحد، فحينئذ يصير هذا الخبر مخصصاً لهذه الآية ويصير ذلك فرعاً لقولنا : إنه يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، وأما إن قلنا : إن قوله :﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سلطانا﴾ ليس تفسيراً لقوله :﴿إِلاَّ بالحق﴾ فحينئذ يصير هذا الخبر مفسراً للحق المذكور في الآية، وعلى هذا التقدير لا يصير هذا فرعاً على مسألة جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد.
فلتكن هذه الدقيقة معلومة، والله أعلم.
المسألة الثالثة :
ظاهر هذه الآية أنه لا سبب لحل القتل إلا قتل المظلوم، وظاهر الخبر يقتضي ضم شيئين آخرين إليه : وهو الكفر بعد الإيمان، والزنا بعد الإحصان، ودلت آية أخرى على حصول سبب رابع وهو قوله تعالى :﴿إِنَّمَا جَزَاء الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ﴾ [ المائدة : ٣٣ ] ودلت آية أخرى على حصول سبب خامس وهو الكفر.
قال تعالى :﴿قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر﴾ [ التوبة : ٢٩ ] وقال :﴿واقتلوهم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [ النساء : ٨٩ ] والفقهاء تكلموا واختلفوا في أشياء أخرى فمنها : أن تارك الصلاة هل يقتل أم لا ؟ فعند الشافعي رحمه الله يقتل، وعن أبي حنيفة رحمه الله لا يقتل.
وثانيها : أن فعل اللواط هل يوجب القتل ؟ فعند الشافعي يوجب، وعند أبي حنيفة لا يوجب.
وثالثها : أن الساحر إذا قال : قتلت بسحري فلاناً فعند الشافعي يوجب القتل، وعند أبي حنيفة لا يوجب.
ورابعها : أن القتل بالمثقل هل يوجب القصاص ؟ فعند الشافعي يوجب.
وعند أبي حنيفة لا يوجب.
وخامسها : أن الامتناع من أداء الزكاة هل يوجب القتل أم لا ؟ اختلفوا فيه في زمان أبي بكر.


الصفحة التالية
Icon