واعلم أن الولي إنما تبقى ولايته على اليتيم إلى أن يبلغ أشده وهو بلوغ النكاح، كما بينه الله تعالى في آية أخرى وهو قوله :﴿وابتلوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ ءانَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فادفعوا إِلَيْهِمْ أموالهم﴾ [ النساء : ٦ ] والمراد بالأشد بلوغه إلى حيث يمكنه بسبب عقله ورشده القيام بمصالح ماله، وعند ذلك تزول ولاية غيره عنه وذلك حد البلوغ، فأما إذا بلغ غير كامل العقل لم تزل الولاية عنه، والله أعلم.
وبلوغ العقل هو أن يكمل عقله وقواه الحسية والحركية، والله أعلم.
﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٣٥) ﴾
اعلم أنه تعالى أمر بخمسة أشياء أولاً، ثم أتبعه بالنهي عن ثلاثة أشياء وهي النهي عن الزنا، وعن القتل إلا بالحق، وعن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، ثم أتبعه بهذه الأوامر الثلاثة فالأول قوله :﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ ﴾.
واعلم أن كل عقد تقدم لأجل توثيق الأمر وتوكيده فهو عهد فقوله :﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ﴾ نظير لقوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ أَوْفُواْ بالعقود﴾ [ المائدة : ١ ] فدخل في قوله :﴿أَوْفُواْ بالعقود﴾ كل عقد من العقود كعقد البيع والشركة، وعقد اليمين والنذر، وعقد الصلح، وعقد النكاح.


الصفحة التالية
Icon